لكل شركة رائدة للأعمال موقع إلكتروني، يكون هذا الموقع هو الوجهة التي تقود العملاء إليها للتسوّق من منتجاتها والتعرّف على خدماتها، تهتم بتصميمه وتعدّ صفحات هبوطه، يبدأ الزوّار بالدخول إلى هذا الموقع لكنهم سرعان ما يغادرون دون اتخاذ أي إجراء، بعبارة أخرى هم يرتدّون عنه.
ما الذي جعل هؤلاء الزوّار يرتدون؟ كيف يمكننا معرفة العوامل المباشرة التي سببت ذلك؟ وهل هناك حلول؟
في هذا المقال سنتعرّف على مفهوم معدل الارتداد والأسباب من ورائه وبعض الممارسات التي تساعد في خفضه.
جدول المحتوى
ما هو معدل الارتداد – Bounce Rate؟
معدل الارتداد هو نسبة المستخدمين الذين قاموا بزيارة إحدى صفحات الموقع الإلكتروني ثم غادروا دون الانتقال إلى أي صفحة أخرى أو اتخاذ أي إجراء. هذا المعدل هو بمثابة مؤشر يدلنا على عدد المرات التي يزور فيها الأشخاص الموقع الإلكتروني ويغادرون مباشرة دون تصفّح المزيد من محتوياته.
حساب معدل الارتداد لإحدى الصفحات يتم بقسمة عدد زيارات الصفحة الواحدة على عدد الزيارات الكلي والضرب بمائة للحصول على نسبة مئوية:
معدل الارتداد = (عدد زيارات الصفحة الواحدة/عدد الزيارات الكلي)*100
أهمية مراقبة معدل الارتداد
معدل الارتداد هو من المؤشرات الهامة لقياس مدى فعالية أداء صفحات الموقع الإلكتروني، ففي بعض الأحيان وبحسب الهدف من الصفحة يمكن أن يكون معدل الارتداد العالي هو دليل على ضعف أداء هذه الصفحة أو تأثيرها السلبي على تجربة المستخدم، بالنسبة لصفحات الهبوط على سبيل المثال معدل الارتداد هو من المقاييس الحسّاسة، والزيادة في هذا المعدل عن الحدود الوسطية يقابله انخفاض في عدد مبيعات المنتج أو الخدمة التي تقدمها هذه الصفحة.
صفحات الموقع الإلكتروني يجب أن تستحوذ على اهتمام الزائر وتشجّعه على تصّفح المزيد من محتويات الموقع، فكلما قضى الزائر وقتاً أطول في الموقع زادت احتمالية شرائه لمنتج ما، كما أن معدل الارتداد له تأثير على نتائج محركات البحث إلى حد ما، فمعدل الارتداد العالي يؤثر سلباً على الإعداد لمحركات البحث (SEO)، بالمقابل عندما يقضي الزوّار وقتاً في الموقع الإلكتروني فذلك مؤشر يدل محركات البحث على أن الزائر يجد قيمة وفائدة في محتوى هذا الموقع.
الفرق بين معدل الارتداد ومعدل الخروج – Exit Rate
معدل الارتداد كما ذكرنا هو للأشخاص الذين زاروا صفحة واحدة دون الانتقال إلى أي صفحة أخرى، بينما معدل الخروج هو نسبة الأشخاص الذين يغادرون صفحة معينة لكن ليس بالضرورة أن تكون هذه أول صفحة يدخلونها، بل من المحتمل أنهم قاموا بجولة في الموقع وتنقّلوا بين عدة صفحات قبل الخروج من الموقع.
بناءً على ذلك يمكن القول أن كل ارتداد هو خروج لكن ليس كل خروج ارتداد، ولهذا فإن معدل الخروج ليس مؤشر خطر بقدر معدل الارتداد.
ما هو معدل الارتداد الجيد؟
هناك عدة عوامل يجب أخذها بعين الاعتبار عند الحكم على معدل الارتداد لصفحة ما:
أولاً: الهدف من الصفحة
بعض الصفحات يمكن للزائر أن يحصل على غايته منها دون الانتقال إلى غيرها كصفحة مقال في المدونة مثلاً، معدل الارتداد يكون مرتفعاً هنا ويتراوح ما بين 70% إلى 90% وهذا ليس بالأمر الغريب، فالزائر يأخذ المعلومات التي يريدها من المقال ويغادر أو ينتقل إلى قراءة مقال آخر.
لكن إذا نظرنا إلى الصفحة الرئيسية للموقع فالهدف منها هو التنقّل بين الصفحات الأخرى للموقع، وارتفاع معدل الارتداد هنا هو مؤشر خطر ويجب البحث في العوامل المسببة له. كذلك هي الحال بالنسبة لصفحات الهبوط التي عليها أن تحقق المبيعات أو أي غرض آخر صُممت لأجله، وارتفاع معدل الارتداد عنها دليل على عجزها عن إقناع الزائر باتخاذ الإجراء المطلوب.
ثانياً: الجهاز الذي يستخدمه الزوّار
تختلف الحدود الوسطية لمعدل الارتداد باختلاف الأجهزة التي يستخدمها الزوّار للدخول إلى الموقع الإلكتروني، فالهواتف المحمولة تسجل معدلات ارتداد أعلى من الحواسيب الثابتة وأجهزة التابليت، وهذه القاعدة تنطبق على الشركات في مختلف مجالات العمل.
أدوات قياس معدل الارتداد
توفر شركة غوغل عدة أدوات لقياس معدل الارتداد، أولها أداة (Google Universal Analytics)، هذه الأداة تقيس معدل الارتداد باحتساب كل جلسة أمضاها الزائر في الصفحة دون التفاعل مع أي من محتوياتها، أي حتى إذا أمضى الزائر عدة دقائق في الصفحة دون الانتقال إلى غيرها أو الضغط على زر من أزرار الدعوة لاتخاذ إجراء (CTA) فهي تحتسب ضمن معدل الارتداد.
يمكننا تسمية هذه الأداة “قديمة أو كلاسيكية” إن صح التعبير، لأن غوغل سوف توقف استخدام هذه الأداة اعتباراً من (1/تموز/2024)، وهذا لفتح المجال أمام الأداة الجديدة التي سنتحدّث عنها.
ثانياً لدينا أداة (Google Analytics 4)، هذه الأداة تقيس معدل الارتداد باحتساب نسبة الجلسات غير التفاعلية. مفهوم الجلسة التفاعلية بحسب تعريف غوغل هي الجلسة التي يمضي فيها الزائر أكثر من 10 ثوانٍ في الصفحة أو يتم تحويله بالضغط على زر من أزرار (CTA) أو يقوم بتصفح أكثر من صفحة.
في هذه الحالة حتى لو لم يقم الزائر بأي إجراء في الصفحة، بمجرد بقائه فيها أكثر من 10 ثوان هذه الجلسة لن تحتسب ضمن معدل الارتداد.
أسباب ارتفاع معدل الارتداد
يوجد عدة مشاكل يمكن أن تسبب ارتداد الزوّار عن صفحات موقعك الإلكتروني، نذكر منها:
أولاً: بطء تحميل الصفحة
مع التطور الكبير الذي يشهده العالم في سرعة الإنترنت، المستخدم لن يتحمل أبداً البطء في تحميل صفحات الويب بل سيرتد مباشرة ويبحث عن طلبه في موقع آخر. أي وقت تحميل يزيد عن ثلاث ثوانٍ هو مشكلة ستسبب الكثير من ارتداد الزوّار، إضافة إلى أن بطء التحميل يؤثر سلباً على ظهور الصفحة في نتائج محركات البحث (SEO)، لأن هذا البطء يسبب تجربة مستخدم سيئة، وخوارزمية البحث الخاصة بغوغل تأخذ أفضل تجربة للمستخدم بعين الاعتبار عند عرض نتائج البحث.
ثانياً: العناوين أو التوصيفات المضللة للصفحات
من الأمور السيئة التي تضر بتجربة المستخدم هي قراءته لعنوان الصفحة وفتحها ليجد محتوى لا يتوافق مع ما كان يتوقعه من عنوانها فيرتد مباشرة إلى غيرها، سواء كان ذلك عن طريق الخطأ أو لاستهداف كلمات مفتاحية معينة وإدراجها في عنوان خادع (Clickbait) تلك من الممارسات التي يجب الابتعاد عنها.
إذا لوحظ معدل ارتداد مرتفع لصفحة ما فيجب مراجعة محتواها والتأكد من توافقه مع العنوان، في حال التعارض بينهما يجب التعديل على العنوان أو المحتوى لإصلاح ذلك.
ثالثاً: المشاكل التقنية
معدل الارتداد المرتفع جداً لصفحة ما قد يكون بسبب خلل برمجي فيها، مثل أن لا يتم تحميل الصفحة بشكل مناسب لدى المستخدم أو تظهر كصفحة فارغة أو تظهر رسالة (Error 404) أو تستغرق وقتاً طويلاً جداً للتحميل.
إذا أظهرت صفحة ما معدل ارتداد عال يجب البحث في المشكلة من وجهة نظر المستخدم، وتجربة فتح الصفحة من عدة أجهزة وعدة متصفحات إنترنت للتأكد من خلو الموقع من أي مشاكل من هذا النوع.
رابعاً: المحتوى السيء
طريقة العرض السيئة للمحتوى تسبب ارتفاع معدل الارتداد للصفحة. يجب النظر إلى هذه الصفحة بعين المستخدم العادي الذي يتم استهدافه وجذبه إلى الموقع الإلكتروني.
من العناصر التي يجب أن تتوفر في محتوى الصفحة هي سهولة فهم المستخدم للهدف منها فور وصوله، وذلك باستخدام جمل بسيطة بترتيب نقطي يجيب على تساؤلاته، وتوفر بعض العناصر المرئية من صور وفيديوهات قصيرة تبسّط المفاهيم وتكون مريحة للعين.
خامساً: التصميم السيء وضعف تجربة المستخدم
لصفحات الهبوط تصميم معين و تسلسل واضح للعناصر يسهل على المستخدمين فهمه ومألوف أكثر بالنسبة لهم، من الأمثلة على ذلك التصميم الشهير بشكل حرف (Z) أو (F) الذي يقود المستخدم بسلاسة في محتوى الصفحة ونحو زر الدعوة لاتخاذ إجراء (CTA)، الابتعاد عن هذه الأشكال المألوفة في التصميم قد لا يعجب المستخدم ويسبب ارتداده عن الصفحة.
يجب أيضاً الابتعاد عن العناصر التي تسبب تجربة مستخدم سيئة، بما في ذلك كثرة الإعلانات وازدحام أزرار الدعوة لاتخاذ إجراء والنوافذ المنبثقة التي تظهر بملء الشاشة وتسبب ضجر المستخدم، وصعوبة التنقل بين صفحات الموقع الإلكتروني.
سادساً: عدم التوافق مع الهواتف الذكية
هذه المشكلة لا تزيد فقط في معدل الارتداد بل تضعف ظهور الصفحة في نتائج محركات البحث أيضاً، فخوارزمية محرك غوغل أصبحت ترجح المواقع المتوافقة مع الهواتف على غيرها.
ما يحصل في هذه المواقع غير المتوافقة هو أنه عندما تفتح الصفحة بحجم شاشة الهاتف تختلط عناصر الصفحة ويتغير مكانها، إضافة إلى ظهور أزرار القوائم بحجم صغير يصعب الضغط عليها دون تكبير الحجم، كل هذه الأمور تنعكس سلباً على تجربة المستخدم وتسبب ارتداده عن الصفحة.
استراتيجيات خفض معدل الارتداد
عندما تُظهر صفحة ما معدل ارتداد عال، لا يجب أن يكون خيارنا الأول هو إعادة تصميم كامل للصفحة أو حذفها من الأساس، فهناك عدة أمور يمكن تطبيقها لخفض معدل الارتداد، منها:
أولاً: السرعة في تحميل الصفحة
كما وضّحنا سابقاً، السرعة عامل مهم في تحسين تجربة المستخدم وفي الإعداد لمحركات البحث (SEO). من الأشياء التي يمكن تطبيقها لزيادة سرعة تحميل الصفحة هي تحرّي البساطة في التصميم والابتعاد عن العناصر غير الضرورية والتي تبطئ التحميل، وضغط الصور إلى أقل حجم ممكن مع الحفاظ على جودتها طبعاً، واستخدام فيديوهات قصيرة.
ثانياً: التوافق مع الهواتف الذكية
نظراً للعدد الهائل من المستخدمين الذين يعتمدون كلياً على الهواتف الذكية في تصفّح الإنترنت أصبح إعداد المواقع لهذه الهواتف حاجة أساسية وليس رفاهية. هذه بالطبع من مهام فريق تصميم المواقع، عليهم جعل الموقع الإلكتروني سهل التصفح والتنقل بين العناصر، ومناسباً لمقاس شاشات الهواتف، واستخدام حجوم خط أكبر، وفيديوهات قصيرة تركز باختصار على النقاط الأساسية.
توفر شركة غوغل أداة (Lighthouse) للمطورين التي تمكّنهم من ضمن استعمالاتها المتعددة التحقق من توافقية الموقع الإلكتروني مع الهواتف الذكية.
ثالثاً: جودة المحتوى
بدايةً يجب أن يكون المحتوى موافقاً للعنوان ويغطي الكلمات المفتاحية التي يحصل على تقييم جيد عليها في نتائج محركات البحث، فالعناوين المضللة والمحتوى الذي لا يعطي المستخدم القيمة التي وعده بها لن يولّد سوى معدل ارتداد مرتفع.
يجب على المحتوى أن يكون سهل القراءة والمسح الفوري، فالكثير من المستخدمين يرغبون بالحصول على معلومة سريعة ويريدون إيجادها بسهولة، يتم ذلك باستخدام عناوين فرعية تقسم المحتوى إلى أجزاء صغيرة يسهل فهمها، وكتابة جمل قصيرة بترتيب نقطي بينها فواصل مناسبة وتعطي كل منها فكرة محددة، واستخدام صور وفيديوهات داعمة، والاهتمام بالتدقيق اللغوي.
رابعاً: تحسين تجربة المستخدم
كل مستخدم وصل إلى هذه الصفحة من الموقع أتى من أجل غرض محدد ويجب التخلص من العناصر التي لا تصب في هذه المصلحة، مثل: كثرة الإعلانات والنوافذ المنبثقة التي تملأ الشاشة وتعدد أزرار الدعوة لاتخاذ إجراء التي تؤدي مهام مختلفة، وكثرة الزخارف البصرية التي تشتت انتباه المستخدم عن المضمون.
لكل صفحة هدف محدد ولهذا فأزرار الدعوة لاتخاذ إجراء (CTA) في الصفحة الواحدة يجب أن تؤدي وظيفة محددة، النوافذ المنبثقة مفيدة إذا استخدمت بشكل صحيح بحيث تظهر للمستخدم بسلاسة وتؤدي وظيفة موافقة لسياق مضمون الصفحة، أي عناصر إضافية لها مهام ثانوية كحسابات مواقع التواصل الاجتماعي مثلاً يجب أن توضع في مكان محايد أو في أسفل الصفحة.
خامساً: تحديد مصدر الزيارات التي ترفع معدل الارتداد
يصل الزوّار إلى صفحة الويب من مصادر مختلفة، يمكن أن يكون ذلك بالضغط على رابط في رسالة بريد إلكتروني أو من نتيجة بحث على غوغل أو بالضغط على إعلان ممول أو رابط في منشور على السوشال ميديا، تحديد مصدر الزيارات الذي يرفع معدل الارتداد قد يدلنا على جوهر المشكلة.
فمثلاً: لو كان المصدر هو إعلان مدفوع على فيسبوك، قد يكون عنوان الإعلان أو نصّه لا يتوافق مع مضمون الصفحة ويتسبب بارتداد الزوّار عنها عندما لا يجدون ما كانوا يتوقعون وجوده فيها، عندها يجب التعديل على كتابته.
سادساً: إصلاح المشاكل التقنية
بما في ذلك من مشاكل لها علاقة ببرمجة الموقع وتسبب خللاً في فتح الصفحة لدى المستخدم وأوقات تحميل غير طبيعية، المشاكل من هذا النوع يتم حلها من قبل مختص برمجة المواقع أو بشراء مساحة أكبر من المخدم الخاص بالموقع.
سابعاً: مساعدة المستخدم على إيجاد حاجته
بعض الميزات تساعد الزائر على إيجاد حاجته من الصفحة بسهولة، مثل: مربع البحث والذي يعطي تنبؤات بعبارات بحث متكررة، والفلاتر المساعدة، وجدول المحتويات في المقالات الطويلة (مثل الجدول في أعلى هذا المقال) الذي يسهّل إيجاد و وصول المستخدم إلى أفكار محددة من المحتوى.