اشترك بنشرتنا البريديّة
واحصل على كوبون خصم 10$ على أيّ منتج رقميّ ضمن مكتبتنا.
واحدة من أفضل وأنجح الحملات التسويقية التي شاهدناها مؤخراً، والتي لم يلحظ أحد أبداً أنها حملة تسويقية، وهذا ما يزيدها ذكاءً وقوة، والحديث هنا عن الرجل التركي الذي لايجيد التحدث باللغة الانجليزية الذي أصبح يعرف الآن بـ”العم تقسيم” أو Taksim Dayi باللغة التركية.
بالتأكيد لم يكن مركز English Time على علم بأن تاثيراً بهذا الحجم قد يحدث، فكل ما أراده هو التعاقد مع قناة يوتيوب معروفة في تركيا لكي يقوم بعمل برعايتها كما تفعل غالبية الشركات خاصة تلك المختصة بتعليم اللغات، ولكن المميز هنا هو اختيار قناة Sarı Mikrofon التي ليس لها علاقة بتعلم اللغات بل هي قناة استطلاعات رأي من نمط “تلفزيون الواقع” التي تقوم بالتجول في الشوارع لتسأل المارة عن مواضيع معينة، وكان الحوار مع المارة في هذه الحلقة هو عبارة عن محادثة بسيطة باللغة الانجليزية.
من المعروف عن الشعب التركي بشكل عام تعلقه الشديد بلغته لدرجة جعلت نسبة كبيرة من الأتراك لا يتعلمون لغة أجنبية إلى جانب لغتهم على الرغم من أن البلد مقصد سياحي ويعتبر من أكثر الوجهات السياحية اقبالاً في العالم، وهذا جعل تواصل الاجانب معهم أمراً صعباً، فحتى الطلاب الجامعيين الذين يختارون تعلم اللغة الانجليزية كلغة ثانية أثناء دراستهم لا يجيدونها بشكل كاقي نتيجة لقلة الممارسة والتمرين، وهذا ما جعل من هذا الفيديو مادة كوميدية غير مسبوقة.
كان سؤال مجموعة من الفتية أو الفتيات المارة عن “الطريق إلى ساحة تقسيم” باللغة الانجليزية أمراً طبيعياً، وكان الجميع يبذل جهده للاجابة بشكل صحيح، ولكن نقطة التحول كانت عندما ظهر “العم تقسيم” الخمسيني أو الستيني التركي الذي تتلخص اللغة الانجليزية بالنسبة له بطلاسم غير مفهومة أو قول أي شيء بحنك مرخي تصيبه هو شخصياً بالضحك.
وقد ساعد أسلوب العم الساخر والمضحك على انتشار الفيديو بشكل فيروسي ليحصل على أكثر من 3 ملايين مشاهدة خلال أقل من شهرين، وإلى جانب مشاركة الفيديو على يوتيوب، حقق الفيديو انتشاراً فيروسياً على المنصات الأخرى في مقدمتها انستاغرام وتيك توك، وأصبح العم تقسيم رمز “ميم” يستخدم في التعليقات والمحادثات عند الاشارة إلى أن شخصاً يحاول التحدث في موضوع لايفقه فيه، فيبدو مضحكاً، وقد تعدت شهراً هذا المقطع وهذا الرجل حدود تركيا ليصبح معروفاً في الكثير من الدول العربية والدول التي فيها جالية تركية مثل ألمانيا، وفي كل مرة يزداد البحث عن هذه الشخصية، وهذا المشهد كاملاً يزداد مركز English Time شهرة، ويحصل على المزيد من العملاء.
لم يطلب مركز English Time اضافة أي Call-to-action إلى الفيديو لدعوة الناس إلى تعلم الانجليزية كل لا يصبحوا مثل العم تقسيم، وبذلك نفى عن الفيديو صفة “الإعلان” التي قد تدفع الكثيرين إلى الإعراض عن مشاركته مع أصدقائهم، ولكنه في نفس الوقت حقق الهدف المطلوب منه تماماً، وكان الجانب الذكي أن أغلب الحوارات كانت تتم أمام مركز English Time نفسه، وقد ظهرا يافطات المركز وعلامته التجارية في الخلفية بشكل واضح لفترة جيدة من الفيديو دون أن يبدو ذلك مقصوداً على الإطلاق، وهنا حدثت التوعية بالمشكلة والحل في آن معاً، بالإضافة إلى إضافة معلومات عن المركز وطرق التواصل معه التي كانت موجودة في وصف الفيديو.
كان اختيار منصة شعبية غير مختصة باللغة أيضاً نقطة ايجابية جداً في هذه الحملة، فقد ساهمت في الوصول إلى شريحة أكبر من الناس، وتحقيق انتشار أكبر، فغالبية من يبحثون عن فيديوهات تعلم اللغة الانجليزية يتوقعون إعلاناً عن مركز أو خدمة لتعليم اللغات، ولكن هنا لم يكن ذلك متوقعاً أبداً.
وقد حاولت شركات أخرى الاستفادة من الزخم الذي حصل عليه العم لترويج منتجاتها أيضاً بنفس الأسلوب، وظهرت العلكة التي تجعل أي شخص يتحدث الانجليزية خلال ثوانٍ، وظهرت الريمكسات التي حولت كلمات العم إلى أغاني راقصة، وكل هذا يزيد انتشار الحملة، وشهرة المركز، وقبل كل ذلك شهرة العم تقسيم التي لم يكن يبحث عنها أبداً.
اليوم، بدأت فكرة تنتشر في المجتمع التركي بأن أي شخص معرض لأن يكون في مكان العم تقسيم في أي لحظة أثناء مشيه في الشارع، ولتجنب ذلك عليه تعلم اللغة الانجليزية واحتمالية أن يتذكر مركز English Time الذي كان في خلفية المشهد أكبر بكثير من أي مركز آخر.
لن يقوم أحد بالتواصل مع أي مركز لتعليم اللغة الانجليزية لأنه يدعي أنه يقدم أفضل مناهج تعليمية، بل يحتاج إلى دافع آخر، وهذا تماماً ما قدمته هذه الحملة.
الدرس المستفاد: ليس بالضرورة أن يتضمن الإعلان ترويجاً مباشراً للمنتج والحديث عن ميزاته ومايقدمه للزبائن، ففي العام 2020 وصل المتلقي إلى مرحلة لم يعد يرغب بمشاهدة أي إعلان على الاطلاق مهما كان جميلاً ويتحدث عن منتج هو مهتم به بالفعل، والحل الوحيد لتجاوز ذلك هو أن لا يكون الاعلان مباشراً على الاطلاق، وقد لا يتضمن أي ذكر مباشر للمنتج حتى، ويجب التركيز على توعية المتلقي بالمشكلة بطريقة تناسبه، مع تقديم قيمة مضافية عالية الجودة له، ومن ثم يمكن عرض العلامة التجارية أو المنتج بأسلوب مناسب وغير اعلاني.
مازال الكثير من أصحاب الأعمال لايؤمنون بقوة حملات نشر الوعي Brand Awareness، ويرون أنها تبديد أموال، ويفضلون الحملات الأخرى التي تتحدث عن المنتجات وميزاته بشكل مباشر على أساس أن العائد على الاستثمار منها أكبر، وهذا التفكير خاطئ تماماً، فليصل المتلقي إلى مرحلة اتخاذ القرار بشراء المنتج، يجب ولابد من أن يكون واعياً بالمشكلة ومن ثم واعياً بأن هذا المنتج هو الحل لهذه المشكلة، ومن ثم سيبحث عنه. أما مجرد عرضه مباشرة أمامه بهذه الطريقة فقد يؤدي إلى عرض المنتج أمام الكثيرين من الأشخاص غير المهتمين به، أو الذين لا يحتاجونه، وهذا هو التبديد الحقيقي للأموال.